"الحياة مليئة بالحجارة، فلا تتعثر بها .. بل اجمعها وابنِ بها سلماً
تصعد به نحو النجاح" .. هذا ما رأيناه في انتخابات نادي الزمالك الأخيرة
والتي شهدت ولأول مرة ديمقراطية غير مصطنعة، وبساطة في سير العملية بعد أن
وضع أعضاء هذا النادي العريق يدهم على العديد من الخطايا والسلبيات التي
هوت بالزمالك وجعلت كل شيء داخله مستباح.
خمس سنوات كانت على الجماهير البيضاء أشبه بالكابوس الذي لا
ينتهي، فيما يتمنى آخرون ألا ينتهي، وبدون أسباب أو مقدمات أصبح هذا الاسم
دائم الارتباط بالمشاكل والكوارث والأحاديث غير اللائقة، بجانب إلقاء
البعض بالكثير من الاتهامات علي إدارات وأفراد بل وأشخاص غير موجودين بين
جدران الزمالك أصلا.
وعلي كل، فإن أعضاء الزمالك ومحبيه وعشاقه تمكنوا أخيراً من أن
يستبينوا وسط الظلام الدامس الذي عم المشهد داخل هذا الكيان الكبير ما هية
الأزمة وأصل الحكاية، وكيفية حل المعضلة التي عجز الكثيرون لفترة طويلة عن
حلها .. حتى وان تم تحضير روح "جيان فرانسوا شامبليون" الذي فك لغز حجر
رشيد الشهير كان سيفشل في مسعاه!.
استفاد أعضاء نادي الزمالك من خطايا خمس سنوات، خطايا أرهقتهم
ولم يجدوا ما يزيح ثقلها عن القلوب إلا الدعاء إلى الله عز وجل بأن تنقشع
هذه الغمة التي زادت من كآبة الحياة وصبت أعباء جمة لا ذنب لمشجعي هذا
النادي فيها من شيء إلا إنهم ولدوا بين جدران الزمالك وأحبوه مثلما لم
يحبوا من قبل.
وأخيراً، اختار أعضاء الجمعية العمومية لنادي الزمالك الطريق
الأسهل والذي صعبه عليهم من قبل الكثيرين، بل ووضعوا امامه العراقيل
بأساليب غريبة لا يعقلها أي لبيب، بل إنها أصبحت وقتها مثل الأكذوبة
المفضوحة، إلى أن أسقطت انتخابات الزمالك الأخيرة كافة الحجج الواهية.
أنا هنا لا أقف في صف أحد ولا ضد أحد، ولكن ما حدث في انتخابات
نادي الزمالك كان بمثابة مفاجأة لكل المتابعين وبجميع المقاييس، وأتحدى أن
يوجد هناك من توقع أن يمر هذا اليوم بهذا الهدوء غير المعهود خاصة أنه يخص
الزمالك صاحب الكم الأكبر من المشكلات في الفترة الأخيرة.
آما الآن، فقد أهدى أعضاء نادي الزمالك أصواتهم لممدوح عباس وهم
بذلك ألقوا الكرة في ملعب الرجل الذي طالما حارب من أجل النهوض بالزمالك،
ولم يسلم من أقلام البعض وهو ما زال يخطو الخطوة الأولى في طريق الإصلاح.
رئيس نادي الزمالك الجديد ممدوح عباس.. أنت الآن من سيضع حجر
الأساس لحقبة جديدة في تاريخ هذا النادي العظيم، ويجب أن تعلم انك مسئول
سواء أنجزت شيئاً أو أخفقت، وسيحاسبك كل من أختارك، سيرفعك الجميع على
الأعناق مع كل تحدٍ تثبت أمامه أو معركة تنتصر فيها، وسيسن الجميع سكاكينه
مع كل إخفاق .. فكن حذراً.
اختيار عباس جاء بإرادة جماهير وأعضاء الزمالك، لذا يجب أن يكون
الجميع في حالة استنفار من أجل مد يد العون له، فلا يصح أبداً أن اشتري
شيئاً أدفع مقابله كل غالي ونفيس طوال خمس سنوات، ثم أهمله وأتجاهله لأعود
وأبكي على اللبن المسكوب.
وأخيراً .. تحية شكر وعرفان للدكتور محمد عامر .. الرجل الذي قبل
التحدي، وفازت فرق رياضية عديدة خلال فترة قيادته للزمالك بألقاب غابت عن
جدرانه سنوات طويلة، هذا الرجل الذي آثر الصمت طوال فترة تعيينه ولم يتحدث
إلا في الصالح العام وليس "الخاص" وإلا كان أول من يرشح نفسه للمنافسة على
منصب الرئيس بعد الانجازات التي تحققت على يديه وفي عهده.
وكما قال أحد الحكماء "كن في الدنيا كالنحلة، إن أكلت أكلت
طيباً، وإن أطعمت أطعمت طيباً، وإن سقطت على شيء لم ت*****ره ولم تخدشه" ..
وهذا هو ما كان عليه الدكتور محمد عامر، فليتعلم الآخرون.